الورقة الإقتصادية… ضرائب بالأرقام والإصلاحات حبر على ورق

الورقة الإقتصادية… ضرائب بالأرقام والإصلاحات حبر على ورق
الورقة الإقتصادية… ضرائب بالأرقام والإصلاحات حبر على ورق

كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”:

تنكبّ مختلف القوى التي شاركت في الإجتماع الاقتصادي والمالي في بعبدا، على دراسة وتفنيد الورقة التي وزّعت على المشاركين في الإجتماع. وبنظرة أولية تجمع مختلف الآراء على أمرين، الاول، مخالفتها للمقترحات والتوصيات التي قدمتها لجنة الخبراء. والثاني، تضمينها الكثير من العناوين الفضفاضة، من دون التطرق مباشرة الى آليات التنفيذ، والتي بغيابها تبقى الإصلاحات حبراً على ورق.

بعد توصيف ما بات معروفاً من صعوبات مالية وإقتصادية تواجه لبنان، وتحديداً في ما يخص “العجزين التوأمين” في المالية العامة وميزان المدفوعات، والإرتفاع المطرد بحجم الدين العام، وإرتفاع اسعار الفوائد.. تم إسقاط الحلول. “فالورقة كانت محضرة سلفاً، وكان الهدف اقرارها كما هي”، تقول مصادر حزب الكتائب، وتضيف أن “الورقة لم تكن منطقية لا شكلاً ولا مضموناً.

فمن المعيب بالشكل أن تسقط هذه الورقة على قياديين بهذا الحجم، ويطلب اقرارها من دون الإفساح في المجال لمناقشتها في أحزابهم. أما في المضمون فالوضع لم يكن أفضل حالاً، خصوصاً لجهة استسهال سد عجز الدولة من جيوب المواطنين، ومن دون إطلاق مبادرة ولو صغيرة في اقفال المعابر او اصلاح الكهرباء او تطبيق قانون الشراكة او اقصاء الوظائف الوهمية. ولعل ما حصل في رفض تطبيق قانون الشراكة المقر في العام 2017 في خطة الكهرباء هو خير دليل على تخطيهم وعدم تطبيقهم القوانين التي يضعونها. فكيف لنا أن نثق بأي مبادرة جديدة”.

الشيء ونقيضه

إعداد الورقة لم يأخذ في الحسبان مفاعيل تراجع تصنيف لبنان الإئتماني، وما سينتج عنه من ارتفاع اسعار الفوائد وتقويض اضافي للقطاعات الانتاجية، وقد تضمنت الحل ونقيضه. كأن نصل مثلاً إلى عجز مالي لا يتخطى 6.5 في المئة في موازنة 2020، على أن يضاف اليها كل نفقات الدولة وإيراداتها، ومن دون فرض المزيد من الضرائب.

ومن المعروف أن تخفيض العجز في موازنة 2019 رغم السلة الضريبية الكبيرة، لم يتم لولا تهريب مجموعة كبيرة من نفقات الدولة وديونها سواء للضمان الاجتماعي وموردي الخدمات والمقاولين والمستشفيات وغيرهم والا لكان تخطى العجز هذا الرقم بكثير، فكيف يمكن ادخال كل المستحقات ونحافظ على المعدل المطلوب من العجز؟

كذلك الأمر بالنسبة الى النية في تخفيض أسعار الفوائد، في ظل تحقيق لبنان المراتب الأولى عالمياً في نسبة المديونية وارتفاع كلفة خدمة الدين العام وتمويل القطاع العام، وهذا يعتبر شبه مستحيل.

وعليه إن لم يجرَ تخفيض جدي وحقيقي للفوائد، فان كل الاصلاحات التي وردت تحت مسمى الاجراءات الإقتصادية، كتحفيز الصناعة وتشجيع الصادرات.. تصبح عملياً، مستحيلة.

هذا وتشكل زيادة الضريبة على فوائد الودائع من 10 الى 11 في المئة سبباً إضافياً لاستمرار تراجع كمية الودائع، الامر الذي ينعكس على قدرة تمويل الدولة، وبالتالي تضخم عجزها المالي.

وفي ما يخص عدم تضمين الورقة أي ضرائب جديدة، فماذا يمكن أن نسمي الإجراءات التالية:

زيادة الحسومات التقاعدية من 6% الى 7% للعاملين في القطاع العام. زيادة الرسوم على السجائر بمعدل 500 ليرة لبنانية، لعلبة السجائر من الإنتاج الوطني، 1000 ليرة لبنانية، لعلبة الدخان المستورد. زيادة TVA بنسبة 15 في المئة على السلع المعتبرة من الكماليات على أن تحدد هذه السلع الكمالية لاحقاً، زيادة الضريبة على دخل الفوائد من 10% الى 11%، وجعلها دائمة. إعادة النظر بالنظام الضريبي عموماً ليصبح أكثر كفاءة ومساواة، بدءاً من إقرار الضريبة الموحدة التصاعدية على الدخل.

التطبيق مفقود

مصادر الحزب “التقدمي الاشتراكي” التي بدأت دراسة الورقة ومقارنتها مع ما أعدته من مقترحات، تشير الى أن “بعض العناوين كانت إيجابية، لكن أتت من دون أي آليات تطبيقية. ولنسلم بحسن نية أن ظروف الإجتماع لا تسمح بعرضها بالتفصيل، فما يؤخذ على هذه الورقة هو عدم وضوح الطرق التي ستسلكها العناوين الى التطبيق. وبحسب عضو مجلس القيادة في “الحزب”، محمد بصبوص “فان ما طرح من اعادة النظر في قانون الضريبة الموحدة التصاعدية يعتبر أمراً ايجابياً، انما ينقصه معرفة كيفية التطبيق، وان كان تطبيقه محصوراً بالافراد أو الشركات، فنحن نرى الأجدى تطبيق الضريبة التصاعدية على كل اشكال الدخل. وكذلك الأمر بالنسبة للحوافز الضريبية للقطاع الصناعي والزراعي، تحتاج الى المزيد من التفاصيل.

كما أن ما ورد عن إعادة النظر في تخمينات الاملاك البحرية ينقصه تحديد النسب التي كانت مفروضة في القانون السابق.

كذلك في الكهرباء، فقد غيب تشكيل مجلس إدارة لشركة كهرباء لبنان وهيئة ناظمة للقطاع. كما أن هناك التباساً في موضوع السلفات، ففي حين صرح الرئيس الحريري (سعد)، بأن مساهمة الدولة في القطاع لن تتخطى الـ 1500 مليار ليرة، تشير المعلومات ان الاقتراح في موازنة 2020 هو مساهمة بـ 2800 مليار ليرة. أما بالنسبة لقانون الشراكة فاقتصر الموضوع على العنوان من دون الدخول في اي تفصيل “.

نسبية توزيع الآلام

يقول روي بدارو، وهو أحد الخبراء الذين ساهموا في إعداد الورقة الإقتصادية في بعبدا التي مهدت لإجتماع قادة الاحزاب “ان ما طرحناه خلال أربعة ايام، تضمن ما يعرف بتوزيع الآلام. فالفن يتلخص في معايير التوزيع، كأن يؤخذ من أصحاب الدخول المرتفعة، ممن استفادوا من تحقيق المكتسبات في الايام الماضية وأن تترك الطبقات الفقيرة والمتوسطة”.

فالمعادلة الاساسية برأي بدارو، هي التمييز بين الاهم والملحّ، فالأهم من وجهة نظره هو تخفيض عجز المالية العامة. انما الملحّ هو تخفيض العجز في الميزان التجاري. ويضيف “أن عودة قرار السلم والحرب الى يد الدولة، هو ما يعيد الثقة الداخلية والخارجية بلبنان وعليه تصبح كل بنود هذه الورقة مجرد تقنيات سهلة التنفيذ”.

إذا كان المستقبل يعرف من الماضي، فان من بين كل البنود المطروحة وإن كانت تنقصها الآليات التنفيذية، ستنتقى تلك المتعلقة بزيادة الإيرادات من الرسوم والضرائب، وسيؤخذ الخيار باستمرار حجب الأموال عن مستحقيها باستمرار لسياسة تجفيف السيولة والمحافظة على الدولار وذلك كله للوصول الى عجز دفتري في موازنة 2020 بقيمة 6.5 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى