الوضع الصحي والاستشفائي: إنّها المعاناة!

الوضع الصحي والاستشفائي: إنّها المعاناة!
الوضع الصحي والاستشفائي: إنّها المعاناة!

كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:

لا يمكن وصف الوضع الصحّي في عكّار والشمال إلا بكلمة واحدة، إنّها المعاناة. فأنين المرضى الذين لم يعد بمقدورهم تطبيب أنفسهم أو دفع فواتير الإستشفاء صار يُسمع في كلّ الأنحاء، بينما لسان حال الناس يقول: «الله يعين لي بدّو يدخل مستشفى».

وفي المعاناة الصحّية شمالاً حدّث ولا حرج. كل شهرٍ تسوء الأوضاع الصحّية عن الشهر الذي سبق، في ظلّ هجرة واسعة للأطباء من أبناء المنطقة ومن ذوي الإختصاصات المهمّة، إضافة إلى العديد من الممرّضين والممرّضات نحو دول الخليج العربي. أسعار الأدوية على الدولار، وتكاليف المستشفيات تفوق قدرة الأغلبية الساحقة من أبناء الشمال. عبارة واحدة يردّدها الناس: «دخول المستشفيات أصبح فقط لمن يستطيع إلى ذلك سبيلاً». قلّة قليلة من المواطنين لا تزال تستطيع دفع تكاليف المستشفيات الخاصة، لذلك فإنّ عدداً من المستشفيات لا سيّما في حلبا وطرابلس، أقفل بعض الأقسام وسط حديث عن تراجع الخدمات فيها بشكل كبير. في المقابل يلجأ الناس إلى المستشفيات الحكومية مع أنّ الأخيرة تسعّر خدماتها الصحّية على الدولار ولكنّ تكاليفها تبقى بالنسبة لكثيرين أقلّ من تكاليف المستشفيات الخاصة.

مراكز الرعاية الصحّية الأولية المنتشرة في المناطق الملجأ شبه الوحيد للفقراء لأنّها تقدّم لهم الخدمات الطبّية بشكل شبه مجاني، نتيجة اعتمادها على الدعم من الجهات الدولية العاملة في المجال. لكنّ هذه المراكز بحاجة إلى دعم أكبر وشمولية أوسع في الخدمات بعد الهجمة الكبيرة عليها من مواطني القرى والبلدات العكّارية. في السياق جاءت زيارة رئيس بلدية ببنين – العبدة الدكتور كفاح الكسّار إلى وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور فراس الأبيض، حيث تطرّق البحث إلى مسألة دعم مراكز الرعاية الصحّية الأولية في عكّار وما تقوم به من دور استشفائي وطبّي محوري، كونها اليوم بحسب ما أكّد الكسّار «تشكّل الملاذ الوحيد للمرضى الذين باتوا غير قادرين بأي شكل من الأشكال على تأمين تكاليف الإستشفاء في المستشفيات». وعلمت «نداء الوطن» بأنّ الأبيض أبلغ الكسّار «استمرار الوزارة بدعم هذه المراكز لتبقى على جهوزيتها الكاملة لمواجهة التحدّيات؛ وكان تأكيد على استمرار التواصل في أي مستجد خاص بالوضع الصحّي في عكّار».

ولأنّ مراكز الرعاية هذه لا تؤمّن جميع الخدمات الصحيّة، لا سيّما العمليات والعناية، فلا بدّ من دخول المستشفيات لا سيّما للحالات الطارئة. وتعدّ أنشطة جمع التبرّعات للعمليات ودخول المستشفيات من الظواهر الملفتة في عكار والمنية وطرابلس هذه الأيام، وباتت تنتشر بشكل واسع في الأشهر الأخيرة، حيث يعمد مواطنون إلى استخدام وسائل التواصل الإجتماعي ومجموعات «الواتساب» لجمع التبرّعات المالية (بالدولار أو بالليرة اللبنانية)، للمرضى الذين لا قدرة لهم على دفع تكاليف العمليات الجراحية ورسوم دخول المستشفيات، بعدما توقّف العديد من المنظمات وكذلك الشخصيات السياسية عن تقديم المساعدات الإستشفائية التي كان يتمّ تغطيتها في المستشفيات الحكومية والخاصة.

مرجع طبي شمالي أشار في السياق لـ»نداء الوطن» إلى أنّ الواقع الصحّي الإستشفائي في الشمال يسير نحو كارثة حتمية في الأشهر المقبلة. فالمستشفيات تفقد كوادرها الطبية وتضطرّ أمام هول الأزمة إلى إقفال أقسام وتراجع في نوعية الخدمة، والمرضى ليس أمامهم إلّا الرُعاة لدفع التكاليف، وإذا ما زادت أي عملية عن 2000 دولار فإن الصعوبات ستشتدّ ولن يكون بمقدور المرضى تأمينها.

الواقع الصحي في أسوأ أيامه إذا لم تكن هناك خطة سريعة لإنقاذ الوضع الصحّي في مناطق الشمال، يشترك فيها المقيمون والمغتربون من أبناء المنطقة خصوصاً لدعم صمود الجسم الطبي والمواطنين معاً.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى