ألقى رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد، كلمة في احتفال مئوية المحكمة التمييزية في قصر العدل في بيروت، قال فيها: “إن هذه المحكمة ولدت ونمت ونضجت في الشرق العربي، ولفحتها رياح موروثه الثقافي، لغة وجوهرا. كما سورها وجدان الشعب اللبناني فجاءت على صورته، متعددة المنابع، موحدة التطلعات، حريصة على أن تستظل وإياه حكم القانون، مرجعا وسقفا جامعا”.
واشار فهد الى “ان محكمتنا، وقضاءنا، وكل ما يمت إلى دولة الحق وحكم القانون بصلة، هي أمام مجموعة من التحديات”، لافتا الى ان “من هذه التحديات، أن نجدد الدور المنوط بالمحكمة العليا بشأن استقرار الاجتهاد. ولتحقيق هذا الهدف لا بد من حوار في العمق مع محاكم الأساس، ومن تعميم ثقافة المداولة في البيت القضائي الداخلي. محكمة التمييز هي الأرفع، ولكن هذه الرفعة تزداد إذا شرعت الصدر لاستيعاب الدور المعطى لسواها في المنظومة القضائية”.
اضاف: “ومن التحديات كيفية توفيقها، بمهارة وواقعية وتوازن، بين سيادة القاعدة القانونية الداخلية وسمو المعاهدات الدولية. ومنها المرونة في كيفية مواكبة ثورة التواصل الاجتماعي التي تفسح في المجال لنقد مستفيض يتناول الأحكام القضائية، نتقبله بكل ترحاب شريطة أن يراعي جانب الحقيقة وجانب حسن النية. ومنها الموازاة بين حق المتقاضي في المراجعة التمييزية وواجب مراعاة مبدأ التقاضي على درجتين، وبين تجنب إغراق محكمة التمييز بمراجعات لا طائل يرجى من ورائها. ومنها التنسيق مع نقابتي المحامين الموقرتين لتشجيع الأساتذة المحامين على الاتجاه الى التخصص في مجال التمييز، على أن يتم، بموازاة ذلك، تدريب القضاة الحديثي العهد في التمييز على التقنيات الخاصة بهذه المحكمة. ومنها العمل على تطوير سلك المساعدين القضائيين عددا وتدريبا، وتجهيز الأقلام لتواكب مقتضيات السرعة والأمانة والحداثة. ومنها رسم سياسة عامة تتعلق بمسار المراجعة التمييزية وتحديد مهلة زمنية قصوى لفصلها. ومنها الوصول الى اللحظة الكبرى… اللحظة التي يحظى القضاء فيها، كل القضاء، بثقة المجتمع.
وشدد على انه “طالما أن الثقة مصابة، فهذا يعني أننا لم نصل بعد الى عدالة مثلى”.