طبيب أجرم بحق طفل.. تجربة بدولار والتهاب دماغ!

بعدما قضى أشهرا يتابع تصرفات وحركات الأطفال الصغار، اتجه الطبيب النفسي جون واتسون (John B. Watson) العامل بجامعة جونز هوبكينز لوضع استنتاج أكد به أن إصابة الأطفال بحالة من الذعر والخوف عند سماعهم أصواتا قوية ومزعجة.

انطلاقا من ذلك، عمد الطبيب بمساعدة تلميذته روزالي راينر (Rosalie Rayner) لإجراء عدد من تجارب الإشراط الكلاسيكي على الأطفال اعتمادا على خوفهم من الأصوات المرتفعة، وذلك من أجل خلق حالة فوبيا عندهم من أجسام وأشياء مسالمة غير مضرة اعتادوا اللعب والاستمتاع معها.

صورة فوتوغرافية للطبيب واتسون أثناء التجربة على الطفل ألبرت صورة فوتوغرافية للطبيب واتسون أثناء التجربة على الطفل ألبرت

إلى ذلك، انطلق جون واتسون سنة 1920 في تطبيق عدد من استنتاجات تجارب الطبيب الروسي إيفان بافلوف التي أجريت على الكلاب، فاتجه بادئ الأمر نحو مستشفى بالتيمور ، حيث حصل هناك على خدمات طفل بالغ من العمر 9 أشهر أطلق عليه اسم ألبرت، وقيل إن والدته سمحت باستخدامه لتجربة بسيطة وغير مضرة لخدمة العلم، دون أن تعرف شيئا عن محتوى هذه التجربة.

بناء على ذلك، أصبح الطفل ألبرت البالغ من العمر 9 أشهر فأرا لتجارب جون واتسون الذي عمد بادئ الأمر للقيام باختبارات أساسية اقتضت تعريض ألبرت لعدد من الأشياء والأجسام اعتاد الأطفال اللعب معها للتأكد من سلامة واستقرار حالته النفسية.

صورة للطفل ألبرت أثناء تفاعله مع أرنب صورة للطفل ألبرت أثناء تفاعله مع أرنب

وبعد وضعه قرب عدد من الحيوانات كفأر أبيض وأرنب وقرد ومنبهات ومحفزات وأشياء أخرى كقناع وصوف وقطن، أظهر الطفل ألبرت علامات دلّت على سلامته لتبدأ إثر ذلك التجربة الغريبة التي وضعها جون واتسون.

وضع الطبيب الطفل ألبرت البالغ من العمر 9 أشهر على طاولة وسط المختبر، وسمح له باللعب مع فأر أبيض صغير قدّمه له بالتزامن مع ذلك اتجه الطبيب ومساعدته روزالي راينر لإحداث صوت قوي ومزعج خلف الطفل ألبرت عن طريق ضرب قطعة حديد بمطرقة كلّما حاول الأخير لمس الفأر. وكردة فعل، أبدى الطفل ألبرت علامات الخوف ولجأ للبكاء كلما سمع الصوت القوي.

صورة للطبيب واتسون خلال إجرائه إحدى التجارب حول تصرفات الأطفال صورة للطبيب واتسون خلال إجرائه إحدى التجارب حول تصرفات الأطفال

مع تكرار التجربة مرات عديدة، نمت لدى الطفل ألبرت فوبيا من الفئران فعمد للبكاء والصراخ كلما عرض عليه الطبيب واتسون فأرا.

أيضا، تطورت هذه الفوبيا لدى ألبرت بشكل أكبر، وذهبت أبعد الحدود، حيث أبدى الطفل ملامح الخوف كلما عرض عليه حيواناً مكسواً بالشعر، فأصبح يخاف الكلاب والأرانب، وعمد البكاء وحاول الهرب عند عرض قناع بابا نويل ذي اللحية البيضاء عليه.

صورة للطبيب جون واتسون صورة للطبيب جون واتسون

عرفت تجربة واتسون نهايتها بعد نحو 3 أشهر، حيث اتجه الطبيب المختص في علم النفس حينها لنشر نتائجها التي عرفت جانبا من المغالطات والفشل بسبب تعمّم حالة الفوبيا لدى الطفل نحو أجسام وأشياء أخرى.

أيضا، أثارت هذه التجربة خلال السنوات التالية مشاكل أخلاقية، حيث تجاهل الطبيب جون واتسون معالجة الطفل ألبرت الذي حافظ على حالة الفوبيا حتى بعد انتهاء التجربة.

صورة لما يعتقد أنه قبر الطفل دوغلاس ماريات صورة لما يعتقد أنه قبر الطفل دوغلاس ماريات

بعد مضي عقود، حاول عدد من الأطباء والمؤرخين التعرف على الهوية الحقيقية للطفل ألبرت عن طريق التأمل في كتابات ومراسلات الطبيب جون واتسون. وقد تحدّث كثيرون حينها عن أن الطفل هو ابن مرضعة بالمستشفى، تلقت دولارا مقابل مساهمة ابنها بالتجربة، ويدعى في الحقيقة دوغلاس ميريات (Douglas Merritte) وقد فارق الحياة وهو في السادسة من عمره بسبب إصابته بالتهاب في الدماغ.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى